Jun 6, 2011

المخطوفون من مصراتة.. دروع بشرية لكتائب القذافي

صحيفة الإمارات اليوم - ترجمة: حسن عبده حسن عن «الإندبندنت»

عندما رُفع الحصار عن مدينة مصراتة الليبية، انكشفت العديد من قصص اختفاء المئات من الليبيين يشتبه في أن معظمهم كان ضحايا كتائب الخطف الموالية لنظام القذافي. وبدأ بحث يائس عن المختفين الذين ذكرت التقارير أن العديد منهم تم اختطافه على يد الكتائب، وأودعوا في سجون النظام، أو أنهم قتلوا خلال الأعمال القتالية العنيفة التي استمرت ثلاثة أشهر بين الكتائب والثوار، والتي أدت إلى تدمير معظم منازل المدينة.

وتشير شهادات شهود العيان التي جمعتها صحيفة «إندبندنت» وجماعات حقوق الإنسان، إلى أنه كان هناك محاولات منظمة لاختطاف الرجال من بعض أجزاء المدينة. وتم اعتقال 16 فرداً من أفراد عائلة واحدة من قبل القوات الموالية للقذافي، عندما غادروا منازلهم للوقوف على ما حدث لأحد المصانع الذي كان قد دُمّر خلال القتال، حسبما ذكره أحد أقربائهم ويدعى سالم، الذي رفض أن يذكر اسمه الكامل خوفاً من انتقام قوّات النظام. وقال سالم «وقع إطلاق نار كثيف عند الطريق خلال الصباح، بالقرب من خطوط القتال، لكن في وقت لاحق أخبرهم الثوار أن المكان آمن. لكن وعلى حين غرّة ظهر رجال القذافي واعتقلوهم ونقلوهم إلى شاحنة وأخذوهم معهم».

وبعد نحو شهرين من انقطاع أخبارهم، تلقى سالم خبراً من أحد الرجال، قال أنه هرب من سجن طرابلس. وقال سالم «أخبرني أن أفراد عائلتي مسجونين هناك، لكن حتى هذا اليوم أنا غير واثق من عودتهم. وإذا قتل أي شخص فإننا نعتبره شهيداً وندفنه، وندرك أنه سيكون مثواه الجنة. ولكن أن يتم أخذهم أحياء بهذه الطريقة فنحن لا ندري إذا تعرّضوا للتعذيب أم لا».

وتم الإعلان عن عدد المفقودين حديثاً، نظراً إلى أن المدينة تعود إلى طبيعتها بصورة بطيئة إثر القصف العنيف الذي تعرّضت له من قبل قوات القذافي. ولم يكن العديد من العائلات قادر على مغادرة منازلهم بعد دخول دبابات النظام إلى المدينة، وتمركز القنّاصين فوق أسطح المنازل. وتمكنت قوات الثوار المدعومة بالقصف الجوي من طائرات التحالف من دحر قوّات القذافي إلى خارج المدينة قبل أسبوعين، بحيث إنها سمحت للهاربين بالعودة إليها.

وتمكن مكتب تسجيل المفقودين من تسجيل 1020 مفقوداً حتى الآن، حيث يرتفع هذا الرقم كل يوم، حسبما قاله المحامي طارق عبد الهادي الذي نظّم الاستمارات التي تحوي معلومات تفصيلية عن هؤلاء المفقودين، كما أن عائلات المفقودين جلبت صورهم إلى المكتب.

ومعظم المفقودين من الرجال الذين تراوح أعمارهم ما بين 20 و40 عاماً. وهناك أكثر من 40 طفلاً من المفقودين تصل أعمارهم إلى السادسة، وهناك المفقودون من كبار السن الذين تراوح أعمارهم ما بين 60 و80 عاماً. وقال عبد الهادي «ذكر المقاتلون أنهم شاهدوا العديد من هؤلاء المخطوفين يتم استخدامهم كدروع بشرية في خطوط القتال، وآخرين اقتيدوا كي يقاتلوا إلى جانب قوات القذافي، لكن معظمهم يعتبرون في عداد القتلى». وقال سكان المدينة أن العدد الأكبر من المخطوفين تم في الضواحي، إذ مكثت قوات القذافي أكثر من شهرين، تطلق الصواريخ وقذائف المدفعية على المدينة. ووثق السكان المحليون في ضاحية زاوية المحجوب التي تبعد نحو تسعة أميال عن مركز مدينة مصراتة أكثر من 80 ضحية للاختفاء القسري، حسب تقرير منظمة العفو الدولية.

أما في ضاحية كرزاز، حيث جدران المنازل مغطاة بطلقات الرصاص وشظايا القذائف خلال القتال، فقالت بعض العائلات أن من بقي هناك في الأيام الأولى للصراع أَسَرته قوات القذافي. وتعرّض منزل سلمان زين 37 عاماً، للنهب والحرق من قبل قوات القذافي، وسرقوا خزنة من المنزل. وقال زين الذي اعتقل اثنان من جيرانه هما الشقيقان خليل وفيتوري، ومازالا مفقودين حتى الآن «لقد اقتحموا كل هذه المنازل، وسرقوا الأموال والمجوهرات، وكل ما هو قيم فيها، واعتقلوا أي شخص وجدوه».

وفي ضاحية أخرى تدعى الغيران، اختفى واحد من كل أسرة على الأقل من العائلات التي تعيش فيها. وفي 22 مارس، اقتحم جنود القذافي منزل هدى (63 عاماً)، واعتقلوا جميع الرجال الذين وجدوهم في داخله. وقالت هدى «جاؤوا بدبابة وثلاث مصفحات، وكانوا يصرخون ويطلقون النار في الهواء، وحطّموا باب المنزل، وأخذوا خمسة رجال من العائلة».

وبقيت هدى وحيدة مع تسعة من أحفادها وقالت «لا أدري ماذا يتعيّن علينا أن نفعل؟ ما الذي فعلناه لنستحق كل ذلك؟»، وأضافت هدى باكية، إذ أنها لا تعرف شيئاً عن المخطوفين منذ شهرين «نحن نساء وبحاجة إلى رجل يحمينا».

وليس هناك إلاّ القليل من الأخبار عن المخطوفين، على الرغم من المناشدات التي تبث عبر التلفزيون والـ«فيس بوك»، والاتصال مع الصليب الأحمر. وشوهد بعض المخطوفين على التلفزيون الحكومي من بين الجماهير التي تجتمع في طرابلس للتعبير عن تأييدها القذافي، حسبما ذكرت عائلاتهم. وكان والد المحامي عبد الهادي البالغ عمره 80 عاماً، قد اعتقل أثناء عودته إلى مزرعته قادماً من المسجد. وطيلة شهر كامل لم تسمع عائلته عنه أي شيء، لكن في 18 أبريل شاهدوه على شاشة التلفزيون. وقال عبد الهادي «أَعطوه راية خضراء وجعلوه يهتف دعماً للقذافي».

No comments:

Post a Comment